Admin المدير العام
عدد المساهمات : 6518 نقاط : 9829 تاريخ التسجيل : 16/11/2010 العمر : 66
| موضوع: تقرير الدكتور جمال العطيفى (عن أحداث الخانكة الطائفية) الجمعة يناير 21, 2011 11:49 pm | |
|
تقرير الدكتور جمال العطيفى عن أحداث الخانكة الطائفية
الدكتور جمال العطيفي كان عضو مجلس الشعب عن دائرة قصر النيل ووكيل مجلس الشعب في تاريخ أحداث الخانكة ووزير الاعلام لاحقاأصدر مجلس الشعب بجلسته المعقودة يوم الاثنين من شوال 1392 الموافق من نوفمبر 1972 قرار بناء على طلب السيد رئيس الجمهورية بتشكيل لجنة خاصة باستظهار الحقائق. حول الأحداث الطائفية التي وقعت أخيرا في مركز الخانكة وإعداد تقرير للمجلس عن حقيقة ما حدث . وقد شكلت هذه اللجنة برياسة الدكتور جمال العطيفي وكيل المجلس وعضوية السادة أعضاء المجلس محمد فؤاد أبو هميلة وألبرت برسوم سلامة وكمال الشاذلى والدكتور رشدى سعيد وعبد المنصف حسن زين والمهندس محب إستينو. حدود مهمة اللجنة ويعتبر هذا القرار أول ممارسة في ظل الدستور الجديد لما أجازته اللائحة الداخلية للمجلس من جواز تشكيل لجنة خاصة لاستظهار الحقائق في موضوع معين وذلك طبقاً للمادتين 16,47 من اللائحة . ومع قرار تشكيل اللجنة ينوط بها استظهار الحقائق في الأحداث الطائفية التي وقعت أخيراً في الخانكة إلا أن اللجنة رأت بمناسبة بحثها لظروف هذه الحادث والعوامل التي أدت إليها أن حادثة الخانكة وهو أحد الحوادث التي تكررت خلال هذا العام, يطرح بصفة عامة وأساسية موضوع العوامل المؤثرة على العلاقات بين طوائف الشعب وما إذا كانت هذه العوامل مصطنعة أو مغرضة ومدى تهديدها للوحدة الوطنية في هذه الظروف الدقيقة التي يجتازها شعبنا ضد العدو الصهيونى والاستعمار العالمي, ومن ثم فإن اللجنة تعرض في تقريرها لموضوع حادث الخانكة باعتباره حادث مميزاً يعبر عن مناخ غير صحي ساد العلاقات الاجتماعية خلال هذا العام: ثم تتناول بعد ذلك هذه العلاقات بصفة عامة وتعرض تحليلاً واقتراحات محددة لعلاجهاً. إجراءات اللجنة بدأت اللجنة عملها, باجتماع عقده رئيسها مع السيد نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية والسيد النائب العام في صباح اليوم التالي لصدور قرار تشكيلها وذلك للوقوف على ظروف هذا الحادث لتبدأ عملها في ضوء تصور واضح, ولما كانت النيابة العامة لا تزال تباشر التحقيق وحتى لا يقع تداخل بين الإجراءات التي تتخذها اللجنة وإجراءات التحقيق الجنائي, فقد رأت اللجنة الاكتفاء بطلب تقرير آخر على أن يتضمن سرداً للحوادث المماثلة التي تكون قد وقعت في العام الأخير , ثم بدأت اللجنة إجراءاتها كالآتي:- 1- في صباح يوم الثلاثاء 14 من نوفمبر 1972 عقدت اللجنة اجتماعا عرض فيه رئيسها التصور المبدئي للحوادث التي وقعت في الخانكة, يومي 6 نوفمبر و 12 نوفمبر 1972 في ضوء المعلومات الشفوية التي تلقاها من السيد نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية والنائب العام . ففي يوم 6 نوفمبر وضع مجهولون النار في دار جمعية الكتاب المقدس التي كان يتخذها أهالي مركز الخانكة من الأقباط كنيسة بغير ترخيص لإقامة الشعائر الدينية. وفي 12 نوفمبر وفد إلى الخانكة عدد كبير من القساوسة قدموا إليها بالسيارات ومعهم بعض المواطنين من الأقباط وساروا إلى مقر جمعية أصدقاء الكتاب المقدس المحترق وأقاموا شعائر الصلاة فيها وتجمع في المساء عدد كبير من المواطنين في مسجد السلطان الأشرف وخرجوا في مسيرة احتجاج على ذلك, نسب فيها إلى غالي أنيس أنه أطلق أعيرة نارية في الهواء على رؤوس المتظاهرين من مسدس مرخص له بحمله فتوجه بعض المتظاهرين إلى مسكن هذا الشخص وإلى أماكن آخرين وقاموا بوضع النار فيها وإتلافها دون أن تقع إصابات, وبعد أن استمعت اللجنة إلى هذا العرض المبدئي للحادث ناقشت خطة عملها وحددت البيانات والمعلومات التي تحتاج إليها من الجهات المختلفة. 2- في يوم الأربعاء 15 نوفمبر 1972 انتقلت اللجنة بكامل هيئتها إلى مركز الخانكة يصحبها السيد اللواء مصطفي الشيخ وكيل وزارة الداخلية لشئون الأمن والذي ندبته اللجنة بناء على طلب اللجنة لتسهيل مهمتها. وقد بادرت بزيارة الأماكن التي جرت فيها هذه الأحداث وناقشت المسئولين في مركز الشرطة وفي مجلس المدينة وفي الإتحاد الإشتراكي كما استمعت إلى ملاحظات الذين وقع اعتداء على مساكنهم وحوانيتهم فعاينت دار جمعية الكتاب المقدس الذي كان الأقباط من سكان المركز قد جروا أخيراً على إقامة الصلاة فيه والذي تعرض لوضع النار فيه صبيحة يوم الاثنين 6 نوفمبر 1972 كما شاهدت آثار النار والكسر في مساكن جرجس عريان سليمان, وغبريال جرجس عريان وحليم حنا نعم الله وغالي أنيس سعيد بشاي. 3- في مساء اليوم نفسه استقبلت اللجنة أمين الإتحاد الإشتراكي بمحافظة القليوبية وأمين وحدة المركز, كما استقبلت السيد عبد القادر البري عضو المجلس الشعبي للمحافظة المختار عن وحدة الإتحاد الإشتراكي بالمركز – والذي كان قد إتهمه بعض المجني عليهم في التحقيق بالتحريض على ارتكاب الحادث, كما استقبلت الشيخ زين الصاوي البدوي إمام مسجد السلطان الأشرف الذي تجمع فيه أهل مركز الخانكة مساء يوم الأحد 12 نوفمبر سنة 1972 – طلبت اللجنة من السيد أمين الإتحاد الإشتراكي بمحافظة القليوبية عن معلوماته وملاحظاته, وقد وافاها بعد ذلك. 4- في يوم الخميس 16 نوفمبر 1972 اجتمعت اللجنة بقداسة البابا شنوده الثالث بطريرك الأقباط في دار البطريركية, وفي هذا الاجتماع استمعت اللجنة إلى ملاحظات البابا شنوده, كما اجتمعت اللجنة بفضيلة الإمام الأكبر محمد الفحام شيخ الجامع الأزهر وشهد هذا الإجتماع أمين عام مجمع البحوث الإسلامية فضيلة الدكتور عبد الرحمن بيصار ومدير البحوث بالأزهر الدكتور عبد المنعم النمر ومدير مكتب شيخ الأزهر وفضيلة الشيخ صلاح أبو إسماعيل 5- في مساء اليوم نفسه استقبل رئيس اللجنة أحد المبلغين الذي أرسل إلى السيد رئيس مجلس الشعب بأن لديه معلومات لتوضيح ملابسات الحادث وقد أعادت اللجنة مناقشته بعد ذلك مساء السبت 18 نوفمبر وأخطرت النيابة العامة لسؤاله وكانت اللجنة قد تلقت أيضاً برقيتين من الحوامدية من كل من السيد إبراهيم والسيد سعد العباسي رئيس لجنة الرعاية الدينية الإسلامية بالحوامدية, تنذر بخلاف حول قبة لمبنى جمعية أنصار الكتاب المقدس بالحوامدية المتخذ كنيسة منذ بضعة أعوام بغير ترخيص وقد رأت اللجنة مثل هذا النزاع يعطي صورة عن بعض جوانب الإحتكاك الذي تكرر نوعه فدعت إليها الشاكين وقد أمكنها تسوية الموقف وإبقاء الحالة على ما هي عليه. 6- وقد تلقت اللجنة في نفس اليوم إخطار من الدكتورة عائشة راتب وزيرة الشئون الإجتماعية ببيان المبالغ التي صرفتها الوزارة لمن لحقتهم خسائر من جراء هذه الحوادث بالخانكة وذلك بعد أن قامت السيدة الوزيرة ورجال الوزارة بزيارة مكان الحوادث يوم 16 نوفمبر. كما تلقت اللجنة في نفس اليوم إخطار من السيد محمد حامد محمود الأمين الأول للإتحاد الإشتراكي العربي بأن أحد الشمامسة بكنيسة كفر أيوب بمركز منيا القمح كان يوزع في يوم 6/ 11 كتيبات من مؤلفاته إشتبه في مضمونها. كما تلقت اللجنة برقيتين إحداهما من الدكتور القس عبد المسيح إسطفانوس يشكو فيها من واقعة قديمة بما سماه إغتصاب أرض دار الكتاب المقدس بالإسكندرية بزعم إقامة مسجد عليها, والأخرى من عبد الفتاح بشير وتتضمن إتهاما عاماً لعناصر لم يذكرها تحاول إحداث فتنة بهيئة النقل العام وقد أخطرت الجهات المختصة بالبرقيتين!! 8- وفي صباح يوم الأحد 18 نوفمبر 1972 استقبلت اللجنة بعض أهالي مركز الخانكة الذين قدموا معلومات عن الحادث, وقد رأت إبلاغها إلى النائب العام. وفي مساء اليوم ذاته استقبلت اللجنة الأنبا صموئيل أسقف الخدمات والأنبا ديماديوس واستمعت إلى ملاحظاتهما. القسم الأول: وقائع حوادث الخانكة استعانت اللجنة أساساً في تحديد هذه الوقائع بتقارير النيابة العامة وهي السلطة القضائية المختصة بالتحقيق, وفي نفس الوقت فإنها قد راجعت ما قدمته إليها الجهات الأخرى المختصة, كما إطلعت على تقرير أعد عن هذه الحوادث وقدم إلى قداسة البابا شنوده, ومن خلال قيامها بالانتقال والمعاينة والمناقشة التي أجرتها مع هذه الأطراف المعنية , أمكنها أن تستخلص الوقائع الصحيحة. حادث يوم الاثنين 6 نوفمبر 1972 منذ عام 1946 وجمعية أصدقاء الكتاب المقدس تباشر نشاطها في الخانكة كجمعية دينية مسجلة بوزارة الشئون الاجتماعية, ومنذ حوالي سنة قام المحامى أحمد عزمى أبو شريفة ببيع قطعة أرض صغيرة يملكها مجاورة لمنزله بالحي المسمى الحي البولاقى بمدينة الخانكة إلى من يدعى محمد سعد الجلدة , العامل بمزرعة الجبل الأصفر الذي باعها بدوره إلى أحد المسيحيين, وتسلسلت عقود بيعها إلى أن انتهت ملكيتها إلى الأنبا مكسيموس مطران القليوبية, وكان الظن وقتئذ أنها ستبنى مقراً لهذه الجمعية , وقد سورت فعلاً وألحقت بها حجرات نقلت إليها الجمعية, غير انه في مطلع الصيف هذا العام أقيم فيها مذبح للصلاة ورتب فناؤها بما يسمح بإقامة الشعائر الدينية فيه , وتولى القس مرقس فرج وهو راعي كنيسة أبو زعبل التي تبعد قرابة ثلاثة كيلومترات من الخانكة "إقامة الشعائر الدينية فيها" في أيام الجمع لإنشغاله أيام الآحاد بكنيسته الأصلية في أبى زعبل. ولما كانت الجمعية لم تستصدر قراراً جمهورياً بالترخيص بإقامة كنيسة, فقد أخذت الإدارة تعهداً على رئيس الجمعية شاكر غبور بعدم استخدامها ككنيسة إلا بعد الحصول على ترخيص, وقد أثار استخدام هذا المكان ككنيسة بغير تصريح بعض المقيمين بمدينة الخانكة ومن بينهم عبد القادر البرى وهو مفتش مالى وعضو المجلس الشعبى بمحافظة القليوبية , وليس هناك ما يدل على أن هذا الاعتراض قد أتخذ مظهراً عنيفاً أو كان موضع إهتمام عام. وفي صبيحة يوم الحادث 6 نوفمبر 1972 وهو أول أيام عيد الفطر المبارك أخطرت النيابة العامة بحدوث حريق في هذا المبنى , وقد تبين أن النار قد أتت على سقفه وهو من الأخشاب , كما امتدت إلى موجودات ولكنها لم تمتد إلى جدرانه المبللة , ولم تتوصل التحقيقات التي أجرتها النيابة إلى معرفة الفاعل , غير أن بعض الذين كانوا يبيتون في المبنى لحراسته قرروا في تحقيق النيابة أنهم شاهدوا جملة أشخاص يلقون زجاجات مشتعلة من الخارج , وقد أمكن لرجال المطافئ إخماد النار بمعاونة بعض الأهالي من المسلمين والمسيحيين. ودون تدخل في إجراءات التحقيق الجنائي وما يمكن أن تستخلصه النيابة العامة من ثبوت التهمة أو عدم ثبوت التهمة فإن هناك حقائق يجب أن تؤخذ في الاعتبار:- 1- إن أهالي مدينة الخانكة كانوا يعيشون دائما في وئام , وقد ضربوا المثل في التعاون والوحدة حينما تعرض أحد مصانع أبو زعبل القريبة من الخانكة لغارات طائرات إسرائيل الفانتوم في فبراير 197. حيث قتل 7. عاملاً وأصيب 69 غيرهم بجراح مما عبأ الجميع ضد العدو , لأن القنابل التي ألقيت لم تفرق بين المسلم والقبطي. 2- إن رئيس مجلس المدينة السابق كان من الأقباط , وقد ظل في مركزه قرابة اثني عشر سنة وهو السيد أديب حنا, ولم يثر أي حساسيات طوال هذه السنين. وحينما عين خلفه الحالي السيد عادل رمضان في مارس 1972 إحتفلت به جمعية أصدقاء الكتاب المقدس في مبناها الجديد الذي إنتقلت إليه, ويشغل عدد كبير من الأقباط وظائف مهمة وخاصة في قطاعي الصحة, والصحة النفسية حيث تزايد نسبة الموظفين الأقباط على الستين في المائة إذ يبلغ عددهم 38 من بين 59 موظفاً (طبقاً للبيانات التي قدمها رئيس مجلس المدينة) ويبلغ مجموع الموظفين الأقباط في هذا المركز 111 من بين مجموعهم البالغ 856 موظفاً . 3- إن مبنى جمعية أصدقاء الكتاب المقدس الذي احترق سقفه واحترقت موجوداته هو مبنى صغير يقع في مكان منزو غير مطروق يقع في الجهة الشرقية للمدينة ويقوم حوله بعض مساكن المسلمين , ولم يكن مرخصاً كبناء فضلاً عن عدم الترخيص به ككنيسة , ولكن من ناحية الأمر الواقع كانت تباشر فيه الشعائر الدينية دون تعرض من جهات الإدارة وبتسامح منها , وقام بعض المسلمين من أهالي الخانكة بجمع تبرعات لإقامة مسجد شديد القرب من هذا المكان وشرع فعلاً في بنائه. 4- إن عدد سكان الخانكة كما جاء بالتعداد العام للسكان المنشور عام 196. بلغ 21863 منهم 615 , غير أن البيانات التي قدمت إلى مجلس المدينة تفيد بأن عدد المسيحيين لا يجاوز ستاً وثلاثين أسرة . وقد طلبت اللجنة بياناً من الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء بعد اتصال قام به رئيسها بالفريق جمال عسكر, ويبين من الرد الذي تلقته إنه كان في مدينة الخانكة في عام 1966 عدد 692 مسيحيا فزاد عام 1972 إلى 8.2 مسيحيين بينما جملة المسيحيين في مركز الخانكة (مدينة وقرى) بلغ في عام 1966 عدد 2552 وزاد في عام 1972 إلى 2963 5- إنه قد بولغ في تصوير هذا الحادث على قداسة البابا عن معلومات عنه , وزاد من حدة التوتر أنه سبقه منذ عدة شهور قليلة حادث مماثل في سنهور بجهة دمنهور. وقد ورد في التقرير الذي قدم إلى قداسة البابا من هذا الحادث ما يفهم منه أن المكان قد حرق بالكامل وصور الحادث على أن المطافئ تباطأت في إطفاء الحريق , وأن المتآمرين قد منعوا رجال الإطفاء من أداء واجبهم, كما تضمن هذا التقرير تشكيكاً في سلامة إجراءات التحقيق وعدم حيدتها. وقد أثبتت المعاينة التي قامت بها اللجنة بالإضافة إلى المعاينة التي أجرتها النيابة أن الحريق لم يمتد إلا للسقف الخشبي وإلى الموجودات الخشبية وأنه لولا تدخل رجال الإطفاء لما كانت النار قد أخمدت دون أي خسائر أخرى. كما وصفت الحوادث أنه حريق لكنيسة (بما لا توجد كنيسة مصرح بها رسمياً) وأنه بذلك ينطوي على امتهان المقدسان المسيحية, وقد أضفي على تصوير الحادث طابع الإثارة. وقد عرضت اللجنة على قداسة البابا الوقائع الصحيحة التي استخلصتها , فوافق قداسته على عدم اعتماد المعلومات التي قدمت إليه انتظارا لما يسفر عنه التحقيق. 6- على أن من ناحية أخرى , فقد أحالت اللجنة كل ما قدم إليها من معلومات عن اتهام أشخاص معينين بالاشتراك أو التحريض على ارتكاب هذا الحادث إلى النائب العام ليجرى شئونه فيه. حادث يوم الأحد 12 نوفمبر 1972 في صبيحة هذا اليوم اتجهت إلى مدينة الخانكة بعض سيارات أتوبيس السياحة والسيارات الخاصة والأجرة ويستقلها حوالي 4.. شخص يرتدى الملابس الكهنوتية الخاصة بالقساوسة والشمامسة , وقد كان نمى إلى علم السلطات إن قرار قد اتخذه مجمع الكهنة في القاهرة بإقامة الصلوات يوم الأحد في مقر جمعية الكتاب المقدس التي كان يتخذها الأقباط المقيمون بالخانكة كنيسة لهم , وقد إستوقفتهم قوات الأمن التي قدمت على عجل من عاصمة المحافظة عند قرية القلج التي تقع في طريق إلى الخانكة وذلك في محاولة لإثنائهم عن عزمهم خشية أن يؤدى هذا الجمع الكبير إلى إثارة غير محمودة العواقب والإكتفاء بعدد محدود منهم ولكنهم صمموا على أن يمضوا في تنفيذ ما إعتزموه , فإتخذت قوات الأمن الإحتياطات اللازمة ومضوا سيراً على الأقدام في موكب طويل مرددين التراتيل الدينية يتقدمهم القساوسة وحينما وصلوا إلى مقر الحادث ثبتوا مكبرات الصوت وبدأ القداس على مرتين , حتى يتسع الاشتراك فيه لهذا الجمع الغفير , ثم إنصرفوا بعدها دون أن تقع أى حوادث , وقد نسب إلى بعض الغلاة منهم تفوهم بعبارات غليظة في الإحتجاج على ما وقع من حادث في هذا المبنى في الأسبوع الماضى , وتصويره على أنه عداء طائفي لم تتخذ سلطة الدولة حياله الإجراءات المناسبة . وفي المساء حينما عاد إلى المدينة شبانها المسلمين الذين كانوا في الجامعات أو في المصانع أو المكاتب خارج المدينة وروت لهم صورة لما جرى في الصباح إعتبروا ذلك تحدياً واستفزازا لشعورهم فاجتمعوا بمسجد السلطان الأشرف الذي يقع بالجهة الغربية بالمدينة ومعهم الشيخ زيد الصاوى البدرى إمام المسجد وتوجهوا إلى مركز الشرطة في مسيرة تكبر بالله وقد طلب منه المسئولون الانصراف , وانصرف الشيخ زيد الصاوى بعد أن نصحهم بالتفرق بينما استمر الباقون في مسيرتهم إلى مقر الإتحاد الإشتراكي , وفي مرورهم على حانوت بقال يدعى غالي أنيس بشاى سمع صوت طلقات نارية نسب البعض إطلاقها إلى هذا البقال الذي تبين فعلاً أنه يحمل مسدساً مرخصاً به وإن كان لم يرد في فحص الطب الشرعى ما يقطع أنه أطلق حديثاً , ولكن ذلك أدى إلى إثارة الجماهير التي اندفعت إلى منزل هذا البقال فوضعت فيه النمار وأندس بينها من إغتنم هذه السانحة للسرقة , كما أحرقت مساكن أخرى لكل من انيس بشاى , وحليم نعمة الله , ورزق صليب عطية , وجرجس عريان , وغبريال جرجس عريان , وموجودات ستديو للتصوير يملكة رزق صليب عطية – كما تحطم زجاج صيدلية الدكتور كامل فهمي أقلاديوس , وتوجه بعض المتظاهرين إلى مقر جمعية أصدقاء الكتاب المقدس وأشعلوا النار في إحدى حجراتها الملحقة بنائها المتخذ كنيسة للصلاة , ومع ذلك فلم تحدث أى خسائر في الأرواح واصيب ثلاثة أشخاص عرضاً بينهم إثنان من المسلمين بإصابات بسيطة وقد قبض على عدة أشخاص متهمين بالسرقة أو الحريق أو الإتلاف , وقررت النيابة العامة حبس تسعة من المتهمين منهم حبساً إحتياطياً . ودون التعرض لوقائع الاتهام الجنائية , فإن هناك حقائق أمكن للجنة استظهارها :- 1- أن الحادث وقع يوم الاثنين 6 نوفمبر كان يجب أن يبقى في حدوده الصحيحة وكان من حسن السياسة أن يحصر في هذا النطاق وحسبما ذكر البابا شنوده لأعضاء اللجنة , فإنه قد زار بعدها الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر مهنئاً بالعيد دون أن يترك الحادث أثراً في نفسه لولا ما بدا له من أن يد العدالة لم تستطع أن تتوصل إلى المسئولين عن هذا الحادث , وأن البعض قد خشى أن ينتهى التحقيق إلى ما إنتهى إليه حوادث أخرى وقعت قبل ذلك ولم تتخذ فيه مبادرات قوية وصريحة , وإن من ذهبوا إلى الصلاة في مكان الحادث لم يقصدوا أن يتوجهوا إلى الخانكة في مسيرة ولكنهم ساروا على الأقدام بعد أن إستوقفهم السيد مدير الأمن ونائبه لإقناعهم بالعدول عن المسيرة. 2- إنه كان من المحتمل أن تتعرض مسيرة الصلاة الكنسية, مع ما إنطوت عليه من مظاهر الاحتجاج والإثارة لاحتكاك سلمت منه نتيجة أصالة الوعي بالوحدة الوطنية الذي استقر في قلوب المصريين جميعاً منذ مئات السنين. 3- إنه تجدر تسجيل الموقف المشرف لبعض القساوسة ومنهم القمص إبراهيم عطية الذي ألقى كلمة الصلاة في مقر الجمعية المتخذة كنيسة , معلناً إن من قام بالحريق إنسان مغرض لا ينتمي إلى المسيحيين أو المسلمين وأشاد فيها بالتضامن والوحدة بين عنصري الأمة. 4- إن قوات الأمن الإضافية التي استدعيت في الصباح بعد تجمع القساوسة للصلاة في الخانكة , قد عادت بعد انصراف المصلين وبعد أن هدأت الحالة وتركت قوة لتعزيز قوة المركز , وبعد أن وقعت حوادث المساء دعمت بقوة من الإدارة المركزية للأمن للمحافظة على النظام. 5- إن الدكتورة وزيرة الشئون الاجتماعية قد بادرت إلى زيارة موقع هذه الحوادث وقررت بناء على توجيهات السيد رئيس الجمهورية تعويضات فورية لمن وضعت النار في مساكنهم أو حوانيتهم , فإستحقت جمعية أصدقاء الكتاب المقدس 21. من الجنيهات هى قيمة الخسائر المقدرة كما قررت مبلغ مائتى جنية تعويضاً لخسائر لحقت منزل وحانوت رزق صليب عطية ومبلغ 15. جنيها لكل من حليم حنا نعمة الله وأنيس سعيد بشاى ووللمهجر جابر مسعود جابر تعويضاً عن إتلاف كشك له ومبلغ 3. جنيهاً لصيدلية د/ كامل فهمى أقلاديوس , وقد تلقت السيدة الوزيرة برقية شكر من وجيه رزق متى نيابة عن المسيحيين بالخانكة المقدمات ومن الدراسة التي قامت بها اللجنة , إستخلصت المقدمات التي أدت إلى تزايد هذه الحالة من التوتر :- 1- ففي خلال عام 197. وقع بمدينة الإسكندرية حادث فردي خاص باعتناق شابين من المسلمين للمسيحية تحت تأثير ظروف مختلفة, وقد سرت أخبار ذلك بين الناس وكانت موضع التعليق ونقد بعض أئمة المساجد إستنكاراً للنشاط التبشيري, وقد أعدت مديرية الأوقاف بالإسكندرية وقتئذ تقرير قدمه الشيخ إبراهيم عبد الحميد اللبان وكيل المديرية لشؤون الدعوة بنتيجة بحثه لموضوع افنحراف العقائدي لبعض الطلاب بمنطقة جليم والرمل وقد ذكر فيه الخطار التي تهدد بعض الشباب نتيجة حملات التبشير نسبت إلى بعض القساوسة, كما تضمن جملة إفترضات تعكس مخاوف مقدم التقرير من هذه المخاطر, وفي عام 1972 أى بعد قرابة سنتين من تقديم هذا التقرير الذي يعد تقريراً داخلياً ليس معد للنشر , إمتدت يد خبيثة إليه فحصلت على صورة منه وقامت بطباعته بالإستنسل وتوزيعه على نطاق واسع. وقد تضمن التقرير بعض الأمور التصويرية المنسوبة إلى رجال الدين الأقباط والتي من شأنها أن تثير استفزاز من يطلع عليها من المسلمين, تحمله على تصديق أمور لم يقم أى دليل على نسبتها إليهم وبعضها بعيد التصديق مما حمل بعض أئمة المساجد بالتنديد الشديد وكانت نتيجه ذلك زيادة استياء كثير من المسلمين وبذر بذور الشك بينهم وبين إخوانهم الأقباط ورغم شيوع أمر هذا التقرير لم تقم الجهات المسئولة والإعلامية بالتصدى له بالمواجهه والنفي, ربما ظناً منها أن أثره سيكون محدوداً وانه سرعان ما يتلاشى , وكما أن يد العدالة لم تستطع أن تمتد إلى مروجيه. 2- وحينما بدأت مرحلة تصحيح مسار الثورة في 15 مايو 1971 دعت الجماهير إلى المشاركة في إعداد الدستور الدائم , كان من الواضح إلى اللجنة المختصة بإعداد الدستور الجديد التي طافت أنحاء البلاد حينئذ , بروز تيار متدفق يدعو إلى اعتبار الشريعة الإسلامية مصدر للتشريع تقابله دعوة أخرى من الأقباط إلى التمسك بحرية العقيدة والأديان وخاصة إلغاء التراخيص المقررة لإقامة الكنائس . ولم يكن التوضيح كافياً بأن الدعوة إلى تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية يتنافي مع حرية العقيدة وممارسة الشعائر الدينية التي كفلها الدستور لجميع المواطنين, وإن الإسلام والمسيحية رسالتا تسامح ومحبة يدينان بالله. في هذا المناخ الذي سادته مفاهيم الحرية وسيادة القانون وإرتفع فيه شعار دولة العلم وافيمان, انتخب الأنبا شنوده بابا لكنيسة الإسكندرية والكرازة المرقسية في آخر إكتوبر ونصب في 14 نوفمبر في إحتفال شهده رئيس الوزراء وقتئذ وكبار المسئولين في الدولة وأذيع بالتلفزيون والراديو وكان موضع اهتمام واسع من جميع وسائل الإعلام وكان من الواضح أن البابا الجديد قد بدأ نشاطاً واسعاً في خدمة الكنيسة والوطن بمجرد انتخابه ألقى محاضرة عن إسرائيل في نقابة الصحفيين تقرر طبعها بخمس لغات وينشر في بعض الصحف حديثاً أسبوعياً يوم الأحد وأعلن تنظيمات للكنيسة تدعيماً لرسالتها الروحية ومعالجة لقضايا المجتمع داخل النطاق بأسلوب علمى روحى وهو أول بابا في العصر الحديث من رؤساء الكلية الإكليريكية. ويبدو أن بعض الحساسيات كانت تنشأ أحياناً عن هذا النشاط الواسع , حتى قبل انتخاب الأنبا شنوده للباباوية , فقد أصدرت مجلة الهلال عدداً خاصاً عن القرآن في ديسمبر 197. ونشر فيه مقال عنوانه " القرآن والمسيحية " بقلم الأنبا شنوده مبيناً فيه الالتقاء بين الإسلام والمسيحية, وقد تناوله بالرد بعض الخطباء على منابر المساجد على حد ما نشرته مجلة الهلال عددها الصادر بعد ذلك في فبراير 1971 والذي تضمن تعليقات أخرى على هذا المقال كما أن إعلان البابا شنوده بعد انتخابه عن تمسكه برفض أيه دعوة إلى إباحة الطلاق للمسيحيين إلا لعلة الزنا وأن كل طلاق يحدث بغير هذه العلة الواحدة لا تعترف به الكنيسة , كان يقابله على الجانب الآخر رفض لأي دعوة إلى تعديل قانون الأسرة بالنسبة للمسلمين ووضع أي تنظيم لحق الطلاق , ومثله أي حدث تطوير في الكلية الإكليريكية , أو استعادة الإسكندرية لمنزلتها العالمية وقيادتها الإفريقية , رغم أنه معنى سبق أن ردده بعض كبار الأقباط ممن تعاونوا دائماً مع نظام الدولة بإخلاص (على سبيل المثال مقال الدكتور كمال رمزى إستينو , بعنوان آمالنا في عهد البابا شنوده جريدة الأهرام في 15 نوفمبر 1971) ومثل هذه الحساسيات لمستها اللجنة أيضاً لدى بعض رجال الدين المسيحي بشأن ما نشره بعض الكتاب المسلمين عن المزامير والتوراة والتثليث. ومن هذه النقاط المختلفة تفاقم الشعور بالحساسية من كل من ينشره أو يقوله رجال الدين المسيحى في نطاق العقيدة المسيحية عن فهم للإسلام , ومن يدين به رجال الشرع الإسلامى في نطاق العقيدة الإسلامية عن فهم. وقد استطاعت اللجنة أن تلمس خلال لقاءاتها بالبابا شنوده من ناحية وبالإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر وفضيلة وزير الأوقاف , ومن ناحية أخرى الحساسية المفرطة من كل ما ينشر متعلقاً بالموضوعات الدينية, حتى وصلت هذه الحساسية إلى حد الاستياء من أي عبارة قد ترد عرضاً في سياق مقال لكاتب أو صحفي مما يمكن أن يساء تأويله أو فهمه , وهى حساسية يجب على المسئولين الدينيين أن يرتفعوا فوقها وإلا أصبح إبداء الرأى والتعليق والاستدلال محفوف بالمخاطر. 3- وبعدها تناقل الناس أخبار تقرير آخر غير تقرير الشيخ إبراهيم اللبان وقد وصف بأنه تقرير لجهات الأمن الرسمية عن اجتماع عقده الأنبا شنوده الثالث في 15 مارس 1972 بالكنيسة المرقسية بالإسكندرية, وقد أخذ هذا التقرير طريقة إلى التوزيع وقد صيغ على نحو يوحى بصحته كتقرير رسمي وتضمن أقوالاً نسبت إلى بطريرك الأقباط في هذا الإجتماع , ورغم أن هذا التقرير كان ظاهر الاصطناع , فقد تناقلته بعض الناس على أنه حقيقة مما ولد اعتقاداً خاطئاً لدى الكنيسة القبطية حسبما جاء بهذا المنشور تهدف به إلى أن يستوى المسيحيون في العدد مع المسلمين والسعى إلى إفقار المسلمين وإثراء الشعب القبطي حتى تعود البلاد إلى أصحابها المسيحيين من أيدى الغزاة المسلمين كما عادت أسبانيا إلى النصرانية بعد إستعمار إسلامي دام ثمانية قرون. ورغم خطورة هذا المنشور المصطنع وأثره على نفسية بعض المسلمين الذين يطلعون إليه ويتناقلون مضمونه , فلم يتخذ إجراء حازم لتنبيه الناس إلى أفكه. وإذا كان الإتحاد الإشتراكي قد أصدر أخيراً بياناً بتكذيب ما تضمنته هذه النشرة, فقد كان المأمول ألا يقتصر توجيهه على القواعد التنظيمية بالإتحاد الإشتراكي , وقد أستغل بعض المتطرفين هذا التقرير المصطنع فراحو يوزعونه مع تعليق فيه إثارة وحض على الكراهية . وقد أحدث ذلك رد فعل ربما كان من أسوأ مظاهرة ما بدا في مؤتمر عقده بعض رجال الدين المسيحى بالإسكندرية يومى 17 و 18 يوليو 1972 , وإتخذوا فيه قرارات أبرقوا بها إلى الجهات المسئولة ومن بينها مجلس الشعب , وكلها تدور حول المطالبة لما سموه حماية حقوقهم وعقيدتهم المسيحية وأنه بدون ذلك سيكون الإستشهاد أفض من حياة ذليلة , وهة موقف كان موضع إستياء عام من كافة الطوائف المسيحية نفسها: 4- وقد نبهت هذه الظروف مجتمعة إلى الخطر الذي بدأ يهدد الوحدة الوطنية , مما دعا السيد الرئيس أنور السادات إلى أن يبحث في دور إنعقاده في 24 يوليو 1972 موضوعاً واحداً هو الوحدة الوطنية , وخلال مؤتمر هذه الجلسات أعلن الرئيس أن هناك محاولات تشكيك بالوحدة الوطنية وأن هناك منشورات في هذا المعنى قدمت من خارج البلاد وبالتحديد من الولايات المتحدة الأمريكية , وبينما أن أرض هذا الوطن واحدة وأن سماؤه واحدة , وشعبه واحد , وأعلن الرئيس أنه سيدعو مجلس الشعب لدورة طارئة حتى يشرع قانونا للوحدة الوطنية . وقد دعى مجلس الشعب فعلاً إلى دور انعقاد غير عادى في شهر أغسطس 197. حيث أعد مشروع قانون لحماية الوحدة الوطنية أصبح نافذاً بعد نشرة في الجريدة الرسمية في 27 سبتمبر 1972. وفي صدر هذا القانون برز معنى مهم يجب أن يكون موضع إدراكنا العميق , وهو أن الوحدة الوطنية هى القائمة على احترام المقومات الأساسية للمجتمع كما حددها الدستور ومنها على وجه الخصوص حرية العقيدة وحرية الرأى بما لا يمس حريات الآخرين أو المقومات الأساسية للمجتمع . ورغم صدور هذا القانون فقد وقع حادث اعتداء على مبنى جمعية النهضة الأرثوذكسية بجهة سنهور بالبحيرة وذلك يوم 8/ 9/ 1972 (الجناية 31.3 لسنة 1972 – جنايات مركز دمنهور) وأبلغ بعدها في 29 أكتوبر 1972 (القضية رقم 654 سنة 1972 أمن دولة عليا)عن قيام بعض الأشخاص بطبع مائة نسخة من التقرير الصطنع عن الإجتماع المنسوب إلى البابا والذي أسلفنا الإشارة إليه, وأخيراً وقعت الحوادث المؤسفة التي جرت في الخانكة. وتود اللجنة أن تسترعي النظر إلى قانون حماية الوحدة الوطنية لا تعدو أن يكون الإطار الشرعى لهذه الحماية التي يجب أن تجد سندها لدى كل مواطن ولدى سلطة الدولة ولدى التنظيم السياسي وفي هذا الخصوص لدى المئولين الدينيين. الأسباب تدرك اللجنة قيمة ما بذل أخيراً من جهود على المستوى السياسي والإعلامي , لتأكيد أهمية حماية الوحدة الوطنية , وخاصة البيان الذي أذاعته الأمانة العامة للاتحاد الإشتراكي العربي على مستوى تنظيماته والبيان القيم الذي أذاعته نقابة الصحفيين والذي كان يعتبر مثلا كان يجب أن تحتذيه سائر المنظمات الجماهيرية والتأكيد في خطب الجمعة وفي دروس الصباح في المدارس على هذه المعاني ولكن ما لم ننفذ إلى هذه المشكلة في أعماقها وتتعقب الأسباب المؤدية إليها , ونقترح لها علاجاً فإن هناك خشية أن تتوقف المتابعة حينما تهدأ النفوس وتستقر ألأوضاع, ويفتر بذلك الإهتمام بإيجاد حلول دائمة لا تقديم مسكنات وقتية , مما يهدد بعودة الداء الكامن إلى الظهور أشد خطراً وفتكاً. وقد استطاعت اللجنة من خلال المناقشات التي أجرتها والدراسات التي قامت بها أن تستظهر جملة أسباب مباشرة تولد إحتكاكا مستمراً ممكن أن يكون تربة صالحة لزرع الفرقة والكراهية لتفتيت الوحدة الوطنية, ونجملها تحت عناوين: الترخيص بإقامة كنائس – الدعوة والتبشير. الترخيص بإقامة كنائس منذ إن أنتصر عمرو بن العاص على الروم البيزنطيين الذين كانوا يحكمون مصر وقد أصبح أقباطها يتمتعون بحرية العبادة , فقد خلص هذا الإنتصار العربى الأقباط من وطأة حكم الروم البيزنطيين وإضطهادهم وأمنوا حرية ممارسة شعائرهم الدينية وسمح المسلمين للأقباط ببناء كنائس جديدة والإحتفال بأعيادهم , وقد كان عيد وفاء النيل عيداً عاماً يشترك فيه الولاة المسلمين و مع الأقباط على السواء , بل قام الواليان العباسيان الليث بن سعد وعبدالله بن لهيفة ببناء كنائس وقال : هو من عمارة البلاد – بل قيل أن عامة الكنائس في مصر لم تبن إلا في ألإسلام في زمن الصحابة والتابعين (يراجع في ذلك كتاب الإسلام وأهل الذمة تأليف د/ على حسن الخربوطلى من نشرات المجلس الأعلى للشئون الإسلامية صـ 167) وتزوج بعدها العزيز بالله من خلفاء الدولة الفاطمية من زوجة قبطية مثلما فعل محمد صلى الله عليه وسلم حينما تزوج من ماريا القبطية وحينما أوصى بالقبط خيراً. وفي عصرنا الحديث لا يزال تنظيم إقامة الكنائس أو تعميرها وترميمها يخضع لأحكام الخط الهمايوني الصادر من الباب العالي في فبراير 1856 والذي كان يمثل وقتئذ إتجاهاً إصلاحياً تناول جملة نواح منها تأمين حقوق الطوائف غير الإسلامية. وقد تقرر في الخط الهمايوني إباحة إقامة الكنائس أو ترميمها بترخيص من البابا العالى , وقد ورد به هذا الشان ما نصة: "ولا ينبغي أن يقع موانع في تعميم وترميم الأبنية المختصة بإجراء عبادات في المداين والقصبات والقرى التي جميع أهاليها من مذهب واحد ولا في باقي محلاتهم كالمكاتب والمستشفيات والمقابر حسب هيئتها الأصلية ولكن إذا لزم تجديد محلات نظير هذه فيلزم عند ما يستصوبها البطرك أو رؤساء الملة أن تعرض صورة رسمها وإنشائها مرة إلى بابنا العالي لكي تقبل تلك الصورة المعروضة ويجرى إقتضاؤها على موجب تعلق إرادتي السنية الملكونية أو نتبين الإعتراضات التي ترد في ذلك الباب بظرف مده معينه إذا وجد في محل جماعة أهل مذهب واحد منفردين يعني غير مختلطين بغيرهم فلا يقيدوا بنوع ما عدا لإجراء المنصوصات المتعلقة بالعبادة في ذلك الموضع ظافرا وعلنا أما في المدن والقصبات والقرى التي تكون أهاليها مركبه من جماعات مختلفه الأديان فتكون كل جماعة مقتدرة على تعمير وترميم كنائسها ومستشفياتها ومكاتبها ومقابرها اتباعا للأصول السابق ذكرها في المحلة التي تسكنها على حدتها متى لزمها أبنية يقتضى انشاؤها جديدا. يلزم أن تستدعي بطاركتها أو جماعة مطارنتها الرخصة اللازمة من جانب بابنا العالي فتصدر رخصتنا عندما لا توجد في ذلك موانع ملكية من طرف دولتنا العليا والمعاملات التي تتوقع من طرف الحكومة في مثل هذه الأشغال لا يؤخذ عنها شيء" وكثير من الكنائس القبطية قد تقادم عليها العهد عليه فلا يعرف شيء عن تطبيق الخط الهمايوني بشأنه, ولكن في شهر فبراير 1934 أصدر وكيل وزارة الداخلية قرار بالشروط التي يتعين توافرها للتصريح ببناء كنيسة وقد سميت بالشروط العشرة, ومع توفر هذه الشروط التي لا زالت مطبقة حتى الآن , وحينما تتحقق جهة الإدارة من توافرها يصدر قرار جمهوري بإقامة الكنيسة . وقد طلبت اللجنة بياناً من الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء عن عدد الكنائس القائمة في مصر أن عددها يبلغ 1442 ولكن البيانات التي وافتنا بها وزارة الداخلية عن عدد الكنائس المسجلة لديها يدل على أنها 5.. كنيسة ومنها 286 كنيسة قبطية , ويرجع هذا الخلاف إلى أن جانباً من هذه الكنائس قد أقيم أصلاً قبل صدور قرار وزارة الداخلية في عام 1934 كما أن بعضها قد بنى بغير أن يصدر بالترخيص به قرار جمهوري, وقد تبين أن مجموع من الكنائس التي أصدرت بشأنها تراخيص في العشر سنوات الأخيرة يبلغ 127 كنيسة منها 68 كنيسة للأقباط الأرثوذكس, ومن هذا العدد رخص بإقامة إثنى وعشرين كنيسة جديدة وصدرت أربعة تراخيص بإعادة بناء وترميم لكنائس قائمة وإعتبرت إثنان وأربعون كنيسة قديمة مرخصاً بها. وقد تبينت اللجنة أنه من أهم الأسباب التي تؤدي إلى الإحتكاك, وإثارة الفرقة عدم وضع نظام ميسر لتنظيم هذه التراخيص دون تطلب صدور قرار جمهوري في كل حالة وذلك إن إستصدار هذا القرار يحتاج إلى وقت , وكثير ما تتغير خلاله معالم المكان الذي أعد لإقامة الكنيسة , مثل أن يقام مسجداً قريباً منه يخل بالشروط العشرة , ونتيجة لبطء الإجراءات كثيراً ما تلجأ بعض الجمعيات القبطية إلى إقامة هذه الكنائس دون ترخيص وفي بعض الحالات تتسامح جهه الإدارة في ذلك وفي حالات أخرى يجرى التحقيق مع مسئول الجمعية, وهو أمر بادي التناقض بين إحترام سيادة القانون من ناحية أخرى هو المبدا الذي كفله الدستور في مادته السادسة والأربعين والذي جاء نصه مطلقاً وهو يجرى كالآتي "تكفل الدولة حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية" وهو نص يغاير في صيغته ما كانت تنص عليه الدساتير السابقة من حماية حرية القيام بشعائر الأديان والعقائد طبقاً للعادات المرعية في مصر, وفي ظل دستور سنة 1923 اصدرت محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة حكماً في 26 فبراير 1951 بأن إقامة الشعائر الدينية لكل الطوائف قد كفلها الدستور في حدود القوانين والعادات المرعية ولكنها ألغت قرر لوزارة الداخلية برفض الترخيص بإنشاء كنيسة وكان أساس الرفض قلة عدد أفراد الطائفة وقالت المحكمة في حكمها إنه ليس في التعليمات نص يضع حداً أدنى لعدد الأفراد الذين يحق لهم إقامة كنيسة. ومع ذلك فإن تنظيم لإدارة الكنائس لا يعتبر في حد ذاته اعتداء على حرية ممارسة الشعائر الدينية , وإن كان من المناسب أن يعاد النظر في أحكام الخط الهمايونى وقرارات وزارة الداخلية في هذا الشان تجنباً لحالة شاعت وهي تحويل بعض الأبنية أو الدور إلى كنائس دون ترخيص وما يؤدي إليه ذلك أحياناً من تعرض بعض الأهالي له دون أن يدعوا هذا الأمر لسلطة الدولة وحدها وقد راجعت اللجنة الحوادث التي وقعت في العامين الأخيرين, فتبين لها أن معظمها يرجع إلى إقامة هذه الكنائس بغير ترخيص وتصدي الإدارة أو بعض الأهالي للقائمين عليها . على أنه يجدر التنوية بأن الكثير من هذه الكنائس لا يعدو يكون غرفة أو ساحة صغيرة بغير أجراس أو قباب وهذه قد جرى الإكتفاء بقرار من وزير الداخلية للترخيص بغقامتها ومن ثم فإن اللجنة تقترح بإعادة النظر في نظام الترخيص بغيه تبسيط إجراءاته على أن تتقدم البطركخانة بخطتها السنوية لإقامة الكنائس لتدرسها الجهات المختصة دفعة واحدة بدلاً من أن تترك للمبادرة الفردية للجمعيات أو الأشخاص ودون تخطيط علمي سليم. الدعوة والتبشير الدعوة أو التربية الدينية والقيم الخلقية أمر يلتزم به مجتمعنا طبقاً للدستور الجديد في مادته السابعة عشرة كما تلزم الدولة بالتمكين لهذه المبادئ, وتقوم المساجد والكنائس الدينية والمدارس أساساً بشئون الدعوة الدينية. ولما كان كثير من الشكايات التي ولدت بعض الحساسيات ترجع إلى ما يتردد أحيانا في خطب المساجد وعظات الكنائس أو إلى نشاط تبشيري تقوم به بعض الجمعيات فقد أولت اللجنة هذا الموضوع إهتمامها. وقد تبينت اللجنة من إحصائيات المساجد التي حصلت عليها من وزارة الأوقاف أن عدد المساجد التي تتبع وزارة الأوقاف لا يتجاوز أربعة آلاف مسجد وبينما تفوق المساجد الأهلية هذا العدد , وهذه المساجد لا شأن لوزارة الأوقاف بتعيين أئمتها أو وعاظها , وقد سبق أن صدر القانون رقم 157 لسنة 196. وقرر أن تتولى وزارة الأوقاف إدارة المساجد سواء بوقفها إشهاد أو لم يصدر على أن يتم تسليمها كما تتولى أيضاً الإشراف على إدارة الزوايا التي يصدر بتحديدها قرار من وزير الأوقاف وتوجيه القائمين عليها لتؤدي رسالتها الدينية على الوجه الصحيح , وقد عللت المذكرة الإيضاحية لهذا القانون التي أعدها وزير الأوقاف وقتئذ "خضاع جميع المساجد لإشراف وزارة الأوقاف" بأنه لوحظ أن عدد كبير من المساجد لا يخضع لإشراف وزارة الأوقاف وهذه المساجد يترك شأنها للظروف ولا يوجد بها من يحمل مسئولية التعليم والإرشاد, ولما كان بقاء هذه الحال قد ينقص من قيمة التوجيه الديني ويضعف الثقة برسالة المساجد, خصوصاً وأن ما يقال فوق منابر المساجد بحيث يكفل تحقيق الأغراض العليا من التعليم الدينى العام وتوجية النشئ وحمايتهم من كل تفكير دخيل . وحسبما وقف السيد وزير الأوقاف ردا على سؤال وجه إليه في مجلس الشعب , فقد كان المفروض أن ينفذ هذا القانون بضم ألف مسجد كل عام وهو ما تم عن عام 1961 وإنتهى الأمر بأن الميزانية لم تسمح بذلك بعدها , إذ أن ضم المسجد الواحد يحتاج إلى 5.. جنيه سنوياً على أقل تقدير , فكأننا نحتاج إلى 8 مليون من الجنيهات من أجل ضم المساجد الأهلية , وقد أعلن وزير الأوقاف أنه ابتدأ من عام 1973 سيعمل على ضم 1... مسجد سنوياً (مضبطة مجلس الشعب الجلسة الرابعة والثلاثون في 28 مايو 1972 حيث قدم سؤال من السيد العضو صلاح الطاروطي وسؤال آخر من السيدة كريمة العروسي بخصوص هذا الموضوع) ومع تقدير اللجنة للظروف الميزانية وأولويات المعركة , فالذي لا شك فيه أن إخضاع هذه المساجد للإشراف الكامل لوزارة الأوقاف من شأنه أنه يبعد مظنة التجاوز فيما قد يلقى فيها من خطب أو وعظ , وحتى يتم ذلك فإن وزارة الأوقاف عليها أن تمارس رقابتها في الإشراف على إدارة هذه المساجد والزوايا وتوجية القائمين عليها لتؤدى رسالتها الدينية على الوجه الصحيح , كما تقترح اللجنة أيضاً في هذا الصدد أن يكون تعيين أئمة هذه المساجد بموافقة وزارة الأوقاف بعد التحقق من توافر الشروط الشرعية لتعيين إمام المسجد وفهمة الصحيح لأحكام الدين وتنظيم الإشراف على ما تلقى من خطب فيها حتى لا تجاوز شرح أحكام الدين الحنيف إلى توجيه إنتقادات أو مطاعن في الأديان الأخرى. وتلاحظ اللجنة أيضأ أن ما يلقى من مواعظ في الكنائس يمكن أن يقع فيه تجاوز أيضاً إذا لم يلتزم الواعظ الحدود التي يتطلبها شرح أحكام الدين والدعوة إلى الحق والخير والفضيلة على أنه لما كان تعيين راعي الكنيسة يتم دائماً على قرار المطران المختص أو البطريركية فإنها تكون مسئولة عن آداء واجباته الدينية, ويمكن مراجعتها في ذلك عند أي تجاوز لهذه الواجبات. وقد تبينت اللجنة أيضاً من المعلومات التي طلبتها من وزارة الشئون الإجتماعية أن عدد الجمعيات الإسلامية المقامة في مصر يبلغ 679 جمعية بينما يبلغ عدد الجمعيات المسيحية الأرثوذكسية 438 جمعية وهي جميعاً –إسلامية ومسيحية– تتلقى إعانات دورية سنوية من وزارة الشئون الإجتماعية تبلغ 4929. جنيها بالنسبة للجمعيات الإسلامية وتبلغ 25785 جنيها بالنسبة للجمعيات الأرثوذكسية. وتخضع هذه الجمعيات لرقابة الجهه الإدارية طبقا لأحكام القانون رقم 32 لسنة 1964 بشان الجمعيات والمؤسسات الخاصة وهو يجيز للجهه الإدارية أن تقرر إدماج أكثر من جمعية تعمل لتحقيق غرض مماثل أو توحيد إدارتها, كما يجيز حلها بقرار مسبب من وزير الشئون الإجتماعية لأسباب مختلفة من بينها إذا إرتكبت مخالفة جسيمة للقانون أو إذا خالفت النظام العام أو الأداب. وقد تبينت اللجنة من إستقراء الحوادث التي حققتها النيابة العامة بشأن النشاط الطائفي ومن المناقشات التي أجرتها مع المسئولين في مشيخة الأزهر وفي البطريركية على حد سواء , أن بعض الجمعيات قد نسب إلى بعض أعضائها توجيه مطاعن أو توزيع منشورات تنطوى على إساءة للأديان الأخرى أو القائمين عليها , كما أن بعض الجمعيات تتزايد عدد ها في الحى الواحد إلى حد لا يمكنها من آداء رسالتها في فاعلية وبمسئولية , وأن بعضها ينسب إليه القيام بنشاط تبشيري سواء بالنسبة للمسلمين أو حتى داخل نطاق ا
| |
|